كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال العارف ابن عربي‏:‏ شرط تأثير خواص الحروف أن يستحضرها حال الرقم أو اللفظ في وهمه وخياله ويتصورها فتفعل بالاستحضار وإن عرى عن الاستحضار كان خيالاً لا يعمل وإذا صحبه الاستحضار عمل فإنه مركب من استحضار ونطق أو رقم، وكثير لم يتفطنوا لمعنى الاستحضار وهذا العلم يسمى علم الأولياء وبه تظهر أعيان الكائنات فإذا استحكم سلطان استحضار الحروف واتخذ المستحضر لها بها ولم يبق فيه متسع لغيرها ويعلم ما هي خاصيتها حتى يستحضرها من أجل ذلك فيرى الأثر على الأثر فهذا شبيه بالفعل بالهمة وإن لم يعلم ما يعطيه فإنه يقع الفعل في الوجود ولا علم له به وكذا سائر أشكال الحروف في كل مرتبة وهذا الفعل بالحرف المستحضر يعبر عنه بعض من لا علم له بالهمة والصدق وليس كذلك وإن كانت الهمة روحاً للحرف المستحضر لا عين الشكل المستحضر وإذا علمت خواص الكلمات وقع الفعل بها علماً لكاتبها أو المتلفظ بها بشرطه وإن لم يعين ما هي مرتبطة به من الانفعالات وقد رأينا من قرأ آية من القرآن وما عنده خبر فرأى أمراً غريباً حدث وكان ذا فطنة فرجع في تلاوته لينظر بأية آية حصل ذلك فلم ير ذلك الأثر حتى عاودها مراراً فتحققه فاتخذها لذلك الانفعال وصار كلما أراد رؤية ‏[‏ص 164‏]‏ ذلك الانفعال تلى الآية فيظهر ذلك الأثر وهو علم شريف لكن السلامة فيه عزيزة فالأولى تركه فإنه من العلم الذي اختص اللّه به أولياءه في الجملة وإن كان عند بعض الناس منه قليل لكن من غير الطريق الذي يناله الصالحون ولهذا يشقى به من هو عنده ولا يسعد‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال لدغت عقرب رجلاً فلم ينم ليلة فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن فلاناً لدغته عقرب فلم ينم فذكره‏.‏

1589 - ‏(‏أما إن العريف‏)‏ كعظيم‏:‏ القيم على قومه يسوسهم ويحفظ أمورهم ليعرف بها من فوقه عند الحاجة ‏(‏يدفع في النار دفعاً‏)‏ أي يدفعه الزبانية في نار جهنم دفعاً شنيعاً فظيعاً وهذا تحذير من التعرض للرياسة والتحرز عنها ما أمكن لأنه إذا لم يقم بحقها استحق العقوبة، والغالب على العرفاء الاستطالة وتعدي الحد وترك الإنصاف والعرافة أولها سلامة وأوسطها ندامة وآخرها عذاب يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث مودود بن الحارث عن أبيه عن جده ‏(‏عن يزيد بن سيف‏)‏ بن جازية اليربوعي قال أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه إن رجلاً من بني تميم ذهب بمالي كله فقال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم ليس عندي ما أعطيكه هل لك أن تعرف إلى قومك قلت لا قال أما إلخ قال الهيثمي مودود وأبوه لم أجد أحداً ترجمهما‏.‏

1590 - ‏(‏أما بلغكم‏)‏ أيها القوم الذين قد وسموا الحمار في وجهه ‏(‏أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها‏)‏ أي دعوت عليه باللعنة وهي الطرد والإبعاد عن الرحمة فكيف فعلتم ذلك به مع أن النهي للتحريم واقترانه باللعن يدل على التغليظ وكونه كبيرة فإنه تعذيب بلا طائل ‏(‏أو ضربها‏)‏ أي ولعنت من ضربها ‏(‏في وجهها‏)‏ لأن الوجه لطيف فربما شانه وشوهه وربما آذى الحواس أو بعضها فيحرم فعل ذلك بكل دابة محترمة وهو في الآدمي أشد‏.‏ قال في الصحاح‏:‏ وسمه إذا أثر فيه بسمة وكما قال الزمخشري‏:‏ ومن المجاز وسمه بالهجاء‏.‏

- ‏(‏د عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

1591 - ‏(‏أما‏)‏ في رواية ألا ‏(‏ترضى‏)‏ يا عمر بن الخطاب ‏(‏أن تكون لهم‏)‏ في رواية لهما يعني كسرى وقيصر ‏(‏الدنيا‏)‏ أي نعيمها والتمتع بزهرتها ونضرتها ولذتها ‏(‏ولنا الآخرة‏)‏ أيها الأنبياء والمؤمنون ولم يقل لي مع كون السؤال عن حاله إشارة إلى أن الآخرة لأتباعه وهذا قاله لعمر وقد رآه عمر على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وعند رجليه مرط وعند رأسه إهاب معلقة، فقال‏:‏ كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول اللّه هكذا فذكره وزاد في رواية يا ابن الخطاب أولئك عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا وذلك لأنه شاهد بعين الفؤاد موعود الجزاء فاستوى عنده ذهبها وترابها فترك الفاني للباقي على يقين ومشاهدة وآثر الصبر بحبس النفس عما تشتهيه طبعاً مما هو محلل لها شرعاً فلذا قال ما قال فتدبر شأن أهل الكمال‏.‏

- ‏(‏ق ه عن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

1592 - ‏(‏أما ترضى إحداكن‏)‏ أيها النساء ‏(‏أنها إذا كانت حاملاً من زوجها بولد‏)‏ ومثلها الأمة من سيدها ‏(‏وهو عنها راض‏)‏ أي والحال أنه راض عنها بأن كانت مطيعة له فيما يحل شرعاً ‏(‏أن لها‏)‏ أي بأن لها مدة حملها ‏(‏مثل أجر الصائم‏)‏ بالنهار ‏(‏القائم‏)‏ بالليل ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ أي في الجهاد ‏(‏وإذا أصابها الطلق‏)‏ أي ألم الولادة ‏(‏لم يعلم أهل السماء ‏[‏ص 165‏]‏ والأرض‏)‏ من إنس وجن وملائكة وغيرهم ‏(‏ما أخفي لها‏)‏ عند اللّه تعالى ‏(‏من قرة أعين‏)‏ جزاء لها على تحملها مشقة حملها وصبرها على شدائد المخاض ومحافظتها على رضا بعلها ‏(‏فإذا وضعت‏)‏ حملها ‏(‏لم يخرج من لبنها جرعة ولم يمص-مبني للفاعل ويجوز بناؤه للمفعول اهـ-‏)‏ أي المولود ‏(‏من ثديها مصة إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة‏)‏ تكتب لها في صحيفتها لتجازى عليها يوم القيامة‏.‏ قال في الصحاح‏:‏ والجرعة من الماء بالضم حسوة منه‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ جرعت الماء واجترعته بمرة وتجرعته شيئاً بعد شيء ومن المجاز تجرع الغيظ ‏(‏فإن أسهرها‏)‏ أي المولود ‏(‏ليلة‏)‏ فلم يدعها تنام لصياحه وعدم نومه ‏(‏كان لها مثل أجر سبعين رقبة‏)‏ أي نفساً ‏(‏تعتقهم في سبيل اللّه تعالى‏)‏ للّه تعالى وقياس نظائره أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد ‏(‏سلامة‏)‏ أي يا سلامة حاضنة ولدنا إبراهيم التي خاطبناها بذلك كله لتخبر به النساء اللاتي أرسلنها تسأل عما سيجىء ‏(‏تدرين‏)‏ أصله أتدرين أي أتعلمين ‏(‏من أعني بهذا‏)‏ الجزاء الموعود المبشر به من النساء ‏(‏الممتنعات-قوله الممتنعات يجوز رفعه ونصبه أي أعني أو هن- الصالحات المطيعات لأزواجهن اللواتي لا يكفرن العشير‏)‏ أي الزوج أي لا يغطين إحسانه إليهن ولا يجحدن إفضاله عليهن والعشير المعاشر أو الزوج كما في الصحاح‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ زوج المرأة عشيرها والكفر الستر والتغطية ومنه * في ليلة كفر النجوم غمامها‏.‏

- ‏(‏الحسن بن سفيان‏)‏ في مسنده عن هشام بن عمار عن أبيه عمار بن نصر عن عمرو بن سعيد الخولاني عن أنس عن سلامة ‏(‏طس‏)‏ عن محمد بن أبي زرعة عن هشام بن عمار عن أبيه عن عمرو عن أنس عن سلامة ‏(‏وابن عساكر‏)‏ في تاريخه كلهم ‏(‏عن سلامة‏)‏ المرأة ‏(‏حاضنة السيد إبراهيم‏)‏ ابن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قالت قلت يا رسول اللّه إنك تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء فذكره وهشام بن عمار سبق أن فيه مقالاً وأبوه عمار بن نصر أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال قال ابن عساكر أحاديثه تدل على لينه عن عمرو بن سعد الخولاني قال الذهبي في الذيل‏:‏ اتهم بالوضع وأورد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات‏.‏ وقال قال ابن حبان عمرو بن سعيد الذي يروي هذا الحديث الموضوع عن أنس لا يحل ذكره في الكتب إلا على جهة الاعتبار للخواص‏.‏

1593 - ‏(‏أما كان يجد هذا‏)‏ الرجل الشعث الذي تفرّق شعره وثار ‏(‏ما يسكن به‏)‏ بضم أوله وشد الكاف ‏(‏رأسه‏)‏ أي شعر رأسه-فيه استحباب تنظيف شعر الرأس بالغسل والترجيل بالزيت ونحوه وكان صلى اللّه عليه وسلم يدهن الشعر ويرجله غباً ويأمر به وقال من كان له شعر فليكرمه- أي يضمه ويلينه من زيت فعبر بالسكون عن ذلك ‏(‏أما كان يجد هذا‏)‏ الرجل الذي ثيابه وسخة دنسة ‏(‏ما يغسل به ثيابه‏)‏ من نحو غاسول أو صابون-فيه طلب النظافة من الأوساخ الظاهرة على الثوب والبدن قال الشافعي ومن نظف ثوبه قل همه وفيه الأمر بغسل الثوب ولو بماء فقط- والاستفهام للإنكار أي كيف لا يتنظف ويحسن هيئته مع تيسر تحصيل الدهن والصابون أو ما يقوم مقامه مع أنه عام الوجود سهل التحصيل خفيف المؤنة والمنة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ أنكر عليه بذاذته لما يؤدي إلى ذلته وأما خبر البذاذة من الإيمان فإثبات للتواضع للمؤمن كما ورد المؤمن متواضع وليس بذليل وله العزة دون الكبر ومنه حديث أبي بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء وحينئذ فيندب التنظف مؤكداً وقد ‏[‏ص 166‏]‏ كان المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم يحافظ على النظافة وكان يربط على بطنه الحجر من الجوع ولا يترك الطيب ويتعهد أحوال نفسه لا يفارقه في الحضر ولا في السفر المرآة والسواك والمقراض وكان إذا أراد الخروج للناس نظر في ركوة فيها ماء فيسوي من لحيته وشعر رأسه‏.‏

- ‏(‏حم د حب ك عن جابر‏)‏ قال رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم رجلاً ثائر الشعر فذكره قال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي وقال العراقي إسناده جيد‏.‏

1594 - ‏(‏أما يخشى‏)‏ أي يخاف وفي رواية ألا يخشى ‏(‏أحدكم‏)‏ أيها المقتدون ‏(‏إذا رفع رأسه‏)‏ أي من السجود فهو نص في السجود لحديث أبي داود الذي يرفع رأسه والإمام ساجد وألحق به الركوع لكونه في معناه ونص على السجود لمزيد مزيته فيه إذ المصلي أقرب ما يكون من ربه فيه وهو غاية الخضوع المطلوب كذا في الفتح ورده في العمرة بأنه لا يجوز تخصيص رواية البخاري برواية أبي داود لأن الحكم فيهما سواء ‏(‏قبل‏)‏ مع ‏(‏الإمام‏)‏ رأسه زاد في رواية ابن خزيمة في صلاته ‏(‏أن يجعل اللّه رأسه‏)‏ التي جنت بالرفع تعدياً ‏(‏رأس حمار‏)‏ وفي رواية ابن حبان كلب ‏(‏أو‏)‏ للشك ‏(‏يجعل اللّه صورته صورة حمار‏)‏ حقيقة بناء على ما عليه الأكثر من وقوع المسخ في هذه الأمة أو مجازاً عن البلادة الموصوف بها الحمار فاستعير ذلك للجاهل حيث لم يعلم أن الإئتمام المتابعة ولا يتقدم التابع على المتبوع أو أنه يستحق به من العقوبة في الدنيا‏.‏ هذا ولا يلزم من الوعيد الوقوع وارتضى حجة الإسلام الثاني ورد ما عداه بأن تحويل رأس المقتدي من حيث الشكل لم يكن قط ولا يكون بل المراد قلب معنوي وهو مصيره كالحمار في معنى البلادة إذ غاية الحق الجمع بين الإقتداء والتقدم فعلم أنه كبيرة للتوعد عليه بأشنع العقوبات وأبشعها وهو المسخ لكن لا تبطل صلاته عند الشافعية وأبطلها أحمد كالظاهرية، قال القرطبي‏:‏ وفيه ترك الأمن من تعجيل المؤاخذة على الذنوب‏.‏

- ‏(‏ق عد‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

1595 - ‏(‏أما يخشى أحدكم‏)‏ أيها المصلون ‏(‏إذا رفع رأسه‏)‏ من الركوع أو السجود ‏(‏في الصلاة‏)‏ قبل إمامه ‏(‏أن لا يرجع إليه بصره‏)‏ بأن يعمى قبل رفع رأسه ثم لا يعود إليه بصره بعد ذلك وهذا زجر وتهويل ولا مانع من أن يراد بالبصر البصيرة وفيه كالذي قبله منع تقدم المأموم على الإمام في الرفع من الركوع والسجود وألحق به بعضهم التقدم عليه في الخفض بل أولى لأن الاعتدال والقعود بين السجدتين من الوسائل والركوع والسجود من المقاصد وإذا وجبت الموافقة في الوسيلة ففي المقصد أولى ونوزع بأن الرفع منهما يستلزم قطعه عن غاية كماله ودخول النقص في المقاصد أشد منه في الوسائل قيل وفيه أيضاً جواز المقارنة ومنع بأنه دل بمنطوقه على منع المسابقة وبمفهومه على طلب المتابعة وأما المقارنة فمسكوت عنها قال ابن بزيرة واستدل بظاهره قوم لا يعقلون على جواز التناسخ وهو مذهب رديء مبني على ترهات وأباطيل‏.‏ ‏(‏تتمة‏)‏ قال في الفيض‏:‏ ليس للتقدم على الإمام سبب إلا الاستعجال ودواؤه أنه يستحضر أنه لا يسلم قبله‏.‏

- ‏(‏حم م ه عن جابر بن سمرة‏)‏ بضم الميم وتسكن تخفيفاً‏.‏

1596 - ‏(‏أما واللّه‏)‏ صدره بكلمة التنبيه التي هي من طلائع القسم ومقدماته وقرنه بالقسم لتحقيق ما بعده وإثباته في خلد السامع ورداً على من عاند في كفره بعدما صار على جلية من أمره ‏(‏إني لأمين في السماء‏)‏ قدم السماء لعلوها ورمز إلى أن ‏[‏ص 167‏]‏ شهرته بهذه الصفة عند العالم العلوي لا خلاف فيه ‏(‏أمين في الأرض‏)‏ أي في نفس الأمر وعند كل عالم بحاله وذا على وزن ‏{‏فورب السماء والأرض إنه لحق‏}‏ وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يدعى في الجاهلية الأمين وإذا أطلقوه لا يعنون به إلا هو وفيه حل مدح المرء نفسه بهذا الوصف للتأكيد‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن رافع‏)‏ قال أضاف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ضيفاً فلم يكن عنده ما يصلحه فأرسل إلى رجل من اليهود يقول له أسلفني رغيفاً إلى رجب فقال لا إلا برهن فذكره صلى اللّه عليه وسلم وزاد البزار اذهب بدرعي الحديد إليه‏.‏

1597 - ‏(‏أما علمت‏)‏ يا عمرو الذي جاء إلينا يبايعنا وقد أراد وقوع المبايعة على اشتراط المغفرة ‏(‏أن الإسلام يهدم ما كان قبله‏)‏ من الكفر والمعاصي أي يسقط ويمحو أثره ويرفع خبره ‏(‏وأن الهجرة‏)‏ من أرض الكفر إلى بلاد الإسلام ‏(‏تهدم‏)‏ أي تمحو والمراد بالهجرة ما كان قبل الفتح ‏(‏ما كان قبلها‏)‏ من الخطايا المتعلقة بحق الحق تعالى من العقوبات أما الحق المالي كزكاة وكفارة يمين ففي سقوطها خلاف بين العلماء ‏(‏وأن الحج يهدم ما كان قبله‏)‏ الحكم فيه كسابقيه لكن ورد في خبر أنه يكفر حتى الدماء والمظالم، أخذ به جمع‏.‏ وإنما ذكر الهجرة والحج مع الإسلام تأكيداً في بشارته وترغيباً في متابعته وفيه عظم موقع كل من الثلاثة وأن كل واحد بمفرده يكفر ما قبله ذكره شارحون‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ فيه وجوه من التأكيد تدل على أن حكم الهجرة والحج حكم الإسلام أحدهما أنه من أسلوب الحكيم فإن غرض عمرو من إبائه عن المبايعة الآتي بيانه ما كان إلا حكم نفسه في إسلامه والهجرة والحج زيادة في الجواب فكأنه قال‏:‏ لا تهتم بشأن الإسلام وحده وأنه يهدم ما قبله فإن الحج والهجرة كذلك ‏"‏الثاني‏"‏ أن همزة إما فيها معنى النفي وما نافية فإذا اجتمعا دلا على التقرير سيما وقد اتبعا بقوله علمت إيذاناً بأن ذلك أمر لا نزاع فيه ولا ينبغي أن يرتاب فيما يتلوهما ‏"‏الثالث‏"‏ لفظ يهدم فإنه قرينة الاستعارة المكنية شبه الخصال الثلاث في قلعها الذنوب من محلها بما يهدم البناء من أصله ثم أثبت للإسلام ما يلائم المشبه به من الهدم ‏"‏الرابع‏"‏ الترقي فإن قوله الحج يهدم ما قبله أبلغ في إرادة المبالغة من الهجرة لأنه دونها فإذا هدم الحج الذنوب فبالأولى أن يهدمها الهجرة لأنها مفارقة الوطن والأحباب ‏"‏الخامس‏"‏ تكرير يهدم في كل من الخصال دلالة على استقلال كل منهما بالهدم‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ من حديث ابن شماسة ‏(‏عن عمرو بن العاص‏)‏ قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وحوّل وجهه إلى الجدار فجعل ولده يقول يا أبتاه أما بشرك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكذا أما بشرك بكذا فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسوله أين كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضاً للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم مني ولا أحب إليّ أن أكون استمكنت منه فقتلته فلو مت على ذلك كنت من أهل النار فلما جعل اللّه في قلبي الإسلام أتيته فقلت ابسط يمينك أبايعك فبسطها فقبضت يدي قال مالك قلت أشترط قال تشترط ماذا قلت أن يغفر لي فذكره فما كان أحد أحب إليّ ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت ولو مت على تلك الحالة رجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدري حالي فيها‏.‏

1598 - ‏(‏أما إنكم‏)‏ قال ابن مالك في شرح الكافية‏:‏ يجوز كسر إن بعد أما مقصوداً بها معنى ألا الاستفتاحية وإن قصد بها معنى حقاً فتحت انتهى والمعنى أيها الناس الذين جلستم عند مصلانا تكشرون أي تضحكون ‏(‏لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى‏)‏ من الكشر وهو ظهور الأسنان للضحك ‏(‏الموت‏)‏ بجره عطف بيان ورفعه خبر مبتدأ محذوف ونصبه بتقدير أعني ‏(‏فأكثروا ذكر هاذم اللذات‏)‏ الموت ‏(‏فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه‏)‏ أي حقيقة والذي خلق الكلام في لسان ‏[‏ص 168‏]‏ الإنسان قادر على أن يخلقه في الجماد ولا يلوم من ذلك سماعنا له ويحتمل أن المراد أن يقول ذلك بلسان الحال ‏(‏فيقول أنا بيت الغربة‏)‏ فالذي يسكنني غريب ‏(‏وأنا بيت الوحدة‏)‏ فمن حل بي وحيد ‏(‏وأنا بيت التراب وأنا بيت الدود‏)‏ فمن سكنني أكله التراب والدود، ومن ثم قال حكيم‏:‏ اجعل قبرك خزانتك احشها من كل عمل صالح ما أمكنك ليؤنسك ‏(‏فإذا دفن العبد المؤمن‏)‏ أي المطيع للّه تعالى كما يدل عليه ذكره الفاجر والكافر في مقابلته ‏(‏قال له القبر مرحباً وأهلاً‏)‏ أي لقيت رحباً وأهلاً ‏(‏أما‏)‏ بالتخفيف ‏(‏إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إلى‏)‏ لما أنك مطيع لربي وربك ‏(‏فإذا وليتك اليوم وصرت إليّ‏)‏ أي انتقلت من الدنيا إليّ‏.‏ قال في المصباح‏:‏ صار زيد غنياً انتقل إلى حالة الغنى بعد أن لم يكن عليها وصار العصير خمراً كذلك وصار الأمر إلى كذا رجع إليه ‏(‏فسترى صنيعي بك‏)‏ فإني محسنه جداً وقضية السين أن الاتساع وما بعده مما يأتي يتأخر عن الإقبار ‏(‏فيتسع مد بصره‏)‏ أي بقدر ما يمتد إليه بصره ‏(‏ويفتح له باب إلى الجنة‏)‏ يعني تفتحه له الملائكة بإذن اللّه أو ينفتح بنفسه بأمر اللّه ‏(‏وإذا دفن العبد الفاجر‏)‏ أي المؤمن الفاسق ‏(‏أو الكافر‏)‏ بأي كفر كان ‏(‏قال له القبر‏)‏ بلسان الفال أو الحال على ما سبق ‏(‏لا مرحباً ولا أهلاً‏)‏ بك ‏(‏أما‏)‏ بالتخفيف ‏(‏إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إليّ‏)‏ لما أنك عاص لربي وربك ‏(‏فإذا وليتك اليوم وصرت إليّ فسترى صنيعي بك فيلتئم عليه‏)‏ أي ينضم ‏(‏حتى يلتقي عليه‏)‏ بشدة وعنف ‏(‏وتختلف أضلاعه‏)‏ من شدة الضغط وقضية هذا الحديث أن الضم مخصوص بالكافر والفاسق وأن المؤمن المطيع لا ينضم عليه وصريح ما ذكر في قصة سعد بن معاذ وقوله لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا سعد خلافه ويمكن الجواب بأن المؤمن الكامل ينضم عليه ثم ينفرج عنه سريعاً والمؤمن العاصي يطول ضمه ثم يتراخى عنه بعد وأن الكافر يدوم ضمه أو يكاد أن يدوم وبذلك يحصل التوفيق بين الحديثين ويزول التعارض من البين فتدبره فإني لم أره ‏(‏ويفيض له سبعون تنيناً‏)‏ أي ثعباناً ‏(‏لو أن واحداً منها نفخ في الأرض‏)‏ أي على ظهرها بين الناس ‏(‏ما أنبتت شيئاً‏)‏ من النبات ‏(‏ما بقيت الدنيا‏)‏ أي مدة بقائها ‏(‏فينهشنه‏)‏ بشين معجمة وقد تهمل والنهش القبض على اللحم ونثره ‏(‏ويخدشنه‏)‏ أي يخرجنه قال في المصباح خدشته خدشاً جرحته في ظاهر الجلد ‏(‏حتى يفضي به إلى الحساب‏)‏ أي حتى يصل إلى يوم القيامة والإفضاء الوصول‏.‏ قال في المصباح‏:‏ أفضيت إلى الشيء وصلت إليه ‏(‏إنما القبر روضة من رياض الجنة‏)‏ حقيقة لما يتحف المؤمن به من الريحان وأزهار الجنان أو مجازاً عن خفة السؤال على المؤمن وأمنه وراحته وسعته كما يقال فلان في الجنة إذا كان عيشه رغداً ‏(‏أو حفرة من حفر النار‏)‏ حقيقة أو مجازاً على ما تقرر فيما قبله والقبر واحد القبور‏.‏ قال في المختار‏:‏ وهو مما أكرم به بنو آدم ‏[‏ص 169‏]‏ وقال الزمخشري‏:‏ تقول نقلوا من القصور إلى القبور ومن المنابر إلى المقابر والخفرة قال في الصحاح بالضم واحدة الحفر‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ حفر النهر بالمحفار واحتفره ودلوه في الحفرة والحفيرة وهو القبر‏.‏

ظاهر هذا الخبر أن عذاب القبر غير منقطع وفي كثير من الأخبار والآثار ما يدل على انقطاعه والظاهر اختلافه باختلاف الأشخاص‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رضي اللّه تعالى عنه ‏(‏أما‏)‏ بالتشديد وكذا ما بعده‏.‏

1599 - ‏(‏أما أنا فلا آكل متكئاً‏)‏ أي متمكناً معتمداً على وطاء تحتي أو مائلاً إلى أحد شقي ومن فهم أن المتكئ ليس إلا المائل إلى أحدهما فقد وهم إذ كل من استوى قاعداً على وطاء فهو متكئ وفي إفهام قوله أما أنا جعل الخيار لغيره على معنى أما أنا أفعل كذا وأما غيري فبالخيار فربما أخذ منه أنه غير مكروه لغيره‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي جحيفة‏)‏ بضم الجيم وفتح المهملة السوائي وقد سبق وظاهر صنيعه أن ذا ليس في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه في منن الشفاء للبخاري‏.‏

1600 - ‏(‏أما أهل النار‏)‏ في أكثر نسخ مسلم أهل النار بحذف أما وعليه فالفاء في فإنهم الآتية زائدة ‏(‏الذين هم أهلها‏)‏ أي المختصون بالخلود فيها المستوجبون لعذاب الأبد وفيه إيذان بأنه لا يسمى أهل النار إلا الكفار ‏(‏فإنهم لا يموتون فيها‏)‏ موتاً يريحهم ‏(‏ولا يحيون‏)‏ فيها حياة تريحهم كما قال تعالى ‏{‏لا يموت فيها ولا يحيى‏}‏ وهذا مذهب أهل السنة أن النعيم والعذاب دائم ‏(‏ولكن ناس‏)‏ من المؤمنين ‏(‏أصابتهم النار بذنوبهم‏)‏ في رواية بخطاياهم ‏(‏فأماتتهم‏)‏ بتاءين أي النار وفي رواية لمسلم فأماتهم اللّه ‏(‏إمانة‏)‏ أي بعد أن يعذبوا ما شاء اللّه وهي إماتة حقيقية وقيل مجازية عبارة عن ذهاب الإحساس بالألم ورجح الأول تأكيده بالمصدر وفائدة النار مع عدم الإحساس بعذابها حصول التأديب بصرفهم عن نعيم الجنة تلك المدة ثم يحبسون في النار بلا إحساس ما شاء اللّه كالمسبحون بدار عذاب الملك والإيمان على باب النار ينتظرهم ‏(‏حتى إذا‏)‏ بعثهم اللّه من تلك النوبة قد ‏(‏صاروا فحماً‏)‏ أي كالحطب الذي أحرق حتى اسود، في الصحاح الفحم معروف قال في المصباح‏:‏ وقد تفتح الحاء وفحمت وجهه بالتثقيل سودته بالفحم ‏(‏أذن‏)‏ بالبناء للمفعول والفاعل اللّه تعالى ‏(‏بالشفاعة‏)‏ فيهم فحملوا وأخرجوا ‏(‏فجيء بهم‏)‏ أي فتأتي بهم الملائكة إلى الجنة بإذن ربهم ‏(‏ضبائر ضبائر‏)‏ بفتح الضاد المعجمة نصب على الحال هكذا وقعت مكررة في الروايات أي يحملون كالأمتعة جماعات منفردين في تفرقة عكس أهل الجنة فإنهم يدخلون يتحاذون بالمناكب لا يدخل آخرهم قبل أولهم ولا عكسه كما في خبر‏.‏ وهؤلاء يدخلون متفرقين إظهاراً لأثر المخالفة عليهم ومع ذلك ففصل اللّه شملهم والضبائر جمع ضبارة بفتح الضاد المعجمة وكسرها الحزمة‏.‏ قال في المصباح‏:‏ ضبر الفرس جمع قوائمه وعنده إضبارة من كيت بكسر الهمزة جماعة وهي الحزمة انتهى ‏(‏فبثوا‏)‏ بباء موحدة مضمومة ثم مثلثة أي فرقوا ‏(‏على أنهار الجنة‏)‏ أي على حافاتها ‏(‏ثم قيل‏)‏ أي قالت الملائكة بأمر اللّه أو قال اللّه ‏(‏يا أهل الجنة أفيضوا‏)‏ صبوا ‏(‏عليهم‏)‏ من الماء ماء الحياة فيفيضون منه فيحيون ‏(‏فينبتون نبات الحبة‏)‏ ولفظ رواية مسلم فينبتون منه كما تنبت الحبة وهو بكسر الحاء وشدة الموحدة حب الرياحين والعشب وبزر البقول ونحوه مما ينبت في البرية والصحراء ما ليس بقوت يكون ‏(‏في حميل السيل‏)‏ بفتح الحاء وكسر الميم ما حمله السيل من نحو طين أو غثاء في معناه محمول السيل وزعم إرادة حب البقلة الحمقاء وهي الرجلة لأنها تنبت سريعاً على جانب السيل فيتلفه السيل ثم تنبت فيتلفه وهكذا ولهذه سميت بالحمقاء كأنه لا تمييز لها يرده رواية البخاري فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ‏[‏ص 170‏]‏ ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية وبقلة الحمقاء ليست صفراء وإنما كانت صفراء لأنها أحسن ألوان الرياحين ولهذا تسر الناظرين وسيد رياحين الجنة الحناء وهو أصفر والمراد التشبيه في سرعة النبات وطراوته وحسن لونه وضعف النبات فهو كناية عن سرعة نباتهم وحسن ألوانهم وضعف حالهم ثم يشتد قواهم بعد ويصيرون إلى منازلهم، شبه سرعة عود إنباتهم بسرعة نباتها وفي خبر يكتب على جباههم هؤلاء عتقاء الرحمن قيل وماء الحياة معنوي ولا مانع من كونه حسياً وفيه رد على المرجئة حيث أفاد دخول طائفة من الأمة النار وعلى المعتزلة لدلالته على عدم تخليد العاصي فيها‏.‏

- ‏(‏حم م ه عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال العارف ابن عربي رضي اللّه عنه وهو صحيح كشفاً‏.‏

1601 - ‏(‏أما أول أشراط الساعة‏)‏ أي علاماتها التي يعقبها قيامها ‏(‏فنار تخرج من المشرق‏)‏ أي جهة شروق الشمس ‏(‏فتحشر الناس‏)‏ أي تجمعهم مع السوق ‏(‏إلى المغرب‏)‏ قيل لعله أراد نار الفتن وقد وقعت كفتنة التتار سارت من المشرق إلى المغرب وقيل بل تأتي واستشكل جعل النار أول العلامات بأن بعثة نبينا من الأشراط والنار لم تتقدمه وفي خبر أول الآيات طلوع الشمس من مغربها ‏(‏وأجيب بأن‏)‏ بعض علاماتها علامات لقربها وبعضها علامة غاية قربها وبعضها علامة وقوعها ومن الأول البعثة ومن الثاني النار والدخان والدجال ويأجوج ومأجوج والثالث طلوع الشمس وخروج الدابة سمي أولاً لأنه مبدأ ذلك القسم ‏(‏وأما أول ما‏)‏ أي طعام ‏(‏يأكله أهل الجنة‏)‏ أي فيها ‏(‏فزيادة كبد حوت‏)‏ أي زائدته وهي القطعة المنفردة المعلقة بالكبد وهي ألذه وأهناه وأمرأه-والحكمة في ذلك أنها أبرد شيء في الحوت فبأكلها تزول الحرارة التي حصلت للناس في الموقف- ‏(‏وأما شبه الولد أباه‏)‏ تارة ‏(‏وأمه‏)‏ تارة أخرى ‏(‏فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة‏)‏ في النزول والاستقرار في رحمها ‏(‏نزع إليه‏)‏ أي نزع إلى الرجل ‏(‏الولد‏)‏ بنصبه على المفعولية أي جذب السبق إليه الولد ‏(‏وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع‏)‏ أي الولد ‏(‏إليها‏)‏ أي إلى المرأة‏.‏ قال في الصحاح‏:‏ نزع إلى أبيه في الشبه أي ذهب، وفي المصباح نزع إلى الشيء ذهب إليه وإلى أبيه ونحوه أذهبه أشبهه‏.‏

- ‏(‏حم خ ن عن أنس‏)‏ قال بلغ ابن سلام مقدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة فأتاه فقال‏:‏ إني سائلك عن ثلاثة لا يعلمها إلا نبي ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع الولد إلى أخواله فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم خبرني بهن آنفاً جبريل ثم ذكره فأسلم‏.‏

1602 - ‏(‏أما صلاة الرجل في بيته‏)‏ أي في محل إقامته من بيت أو خلوة أو غيرهما ‏(‏فنور‏)‏ أي منورة للقلب بحيث يشرق فيه أنوار المعارف والمكاشفات وتكون نوراً يوم القيامة في تلك الظلم ‏(‏فنوروا بها بيوتكم‏)‏ فإنها تمنع المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به‏.‏

- ‏(‏حم ه عن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

1603 - ‏(‏أما‏)‏ بالتشديد ‏(‏في ثلاثة مواطن‏)‏ أي أماكن من يوم القيامة‏.‏ قال في الصحاح‏:‏ الوطن محل الإنسان والموطن المشهد من مشاهد الحروب‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ من المجاز هذه أوطان الإبل لمرابضها وثبت في موطن القتال ومواطنه وهي مشاهدة ‏(‏فلا يذكر أحد أحداً‏)‏ لعظم هولها وشدة روعها ‏(‏عند الميزان-قال النووي وهي واحدة ذات لسان وكفتين وكفة الحسنات من نور وكفة السيئات من ظلمة-‏)‏ أي إذا وضع لوزن الأعمال ‏[‏ص 171‏]‏ ‏(‏حتى يعلم‏)‏ الإنسان ‏(‏أيخف ميزانه‏)‏ فيكون من الهالكين ‏(‏أم يثقل‏)‏ فيكون من الناجين ‏(‏وعند الكتاب‏)‏ أي نشر صحف الأعمال ‏(‏حين يقال هاؤم-هاؤم اسم فعل بمعنى خذوا- اقرؤوا كتابيه-كتابيه تنازعه هاؤم واقرؤوا فهو مفعول اقرؤوا لأنه أقرب العاملين ولأنه لو كان مفعول هاؤم لقيل اقرؤه إذ الأولى إضماره حيث أمكن أي يقول ذلك الناجي لجماعته لما يحصل له من السرور والظاهر أن قوله هاؤم إلخ، معترض بين قوله وعند الكتاب وقوله حتى يعلم إلخ-حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أو من وراء ظهره‏)‏ قال ابن السائب‏:‏ تلوى يده خلف ظهره ثم يعطى كتابه وقيل تنزع من صدره إلى خلف ظهره ثم يعطاه قال ابن رسلان‏:‏ وظاهره أن من يؤتى كتابه بشماله قسمان قسم يؤتاه بشماله لا من وراء ظهره وقسم بشماله من ورائه وقال غيره‏:‏ يعطى المؤمن العاصي كتابه بشماله والكافر من ورائه ‏(‏وعند الصراط‏)‏ الجسر الممدود على متن جهنم ليمر الناس عليه ‏(‏إذا وضع بين ظهراني جهنم‏)‏ بفتح الظاء أي على ظهرها أي وسطها كالجسر فزيدت الألف والنون للمبالغة والياء لصحة دخول بين على متعدد وقيل لفظ ظهراني مقحم ‏(‏حافتاه كلاليب-أي هما نفسهما كلاليب وهو أبلغ من كونهما فيهما-‏)‏ جمع كلاب بالضم أو كلوب بالفتح وشد اللام فيهما حديدة معوجة الرأس أو عود في رأسه اعوجاج ‏(‏كثيرة وحسك‏)‏ جمع حسكة شوكة صلبة معروفة تسمى شوك السعدان تشبه حلمة الثدي ‏(‏كثير يحبس اللّه بها من يشاء من خلقه‏)‏ يعني يعوق من شاء ويصرعه بكلاليب الصراط حتى يهوي إلى النار ‏(‏حتى يعلم أينجو أم لا‏)‏ قال الحليمي‏:‏ في الحديث إشعار بأن للمارين عليه مواطئ الأقدام فما ورد من أنه أدق من الشعر معناه أن يسره وعسره على قدر الطاعات والمعاصي ولا يعلم حدود ذلك إلا اللّه لخفائها وغموضها وقد اعتيد ضرب المثل للغامض الخفي بدقة الشعر وأنه أحدُّ من السيف معناه أدق دقيق اهـ‏.‏ وهذا كله إلهاب وتهييج وتذكير للمرء بما أمامه من القدوم على أهوال لا يخلصه منها إلا لطف الرحمن‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في السنة ‏(‏ك‏)‏ في الأهوال ‏(‏عن عائشة‏)‏ قالت ذكرت النار فبكيت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مالك قالت ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة فذكره قال الحاكم على شرطهما لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة اهـ‏.‏ ورواه أحمد رضي اللّه تعالى عنه بأتم من هذا وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح ذكره الهيثمي‏.‏

1604 - ‏(‏أما بعد‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أما وضع للتفصيل فلا بد من التعدد ونقل عن أبي حاتم أنه لا يكاد يوجد في التنزيل أما وما بعدها إلا وتثنى وتثلث كقوله تعالى ‏{‏أما السفينة، وأما الجدار‏}‏ وعامله مقدر أي مهما يكن بعد تلك القضية ‏(‏فإن أصدق‏)‏ وفي رواية بدله خير ‏(‏الحديث كتاب اللّه‏)‏ اقتباس من قوله تعالى ‏{‏اللّه نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً‏}‏ فهو لإعجازه وإفهامه ما اشتمل عليه من أخبار الأمم والأحكام والمواعظ ومنفعة الخلق وتناسب الألفاظ وتناسقها في التخير والإصابة وتجاذب نظمه وتآليفه في الإعجاز والتبكيت أحسن حديث ‏(‏وإن أفضل‏)‏ وفي رواية وإن خير ‏(‏الهدي هدي محمد‏)‏ بفتح الهاء وسكون الدال فيهما أي أحسن الطرق طريقته وسمته وسيرته من هدى هديه سار بسيرته وجرى على طريقته ويقال فلان حسن الهدي أي الطريقة والمذهب ومنه خبر ‏"‏اهتدوا بهدي عمار‏"‏، وبضم ففتح فيهما وهو بمعنى الدعاء والرشاد ومنه ‏{‏وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم‏}‏ إن هذا القرآن يهدي‏.‏ وقال القاضي‏:‏ هو من تهادت المرأة في مشيها إذا تبخترت ولا يكاد يطلق إلا على طريقة حسنة وسنة مرضية ولامه للاستغراق لأن أفعل ‏[‏ص 172‏]‏ التفضيل لا يضاف إلا إلى متعدد وهو داخل فيه ولأنه لو لم يكن للاستغراق لم يفد المعنى المقصود وهو تفضيل دينه وسنته على جميع السنن والأديان ‏(‏وشر الأمور محدثاتها‏)‏ جمع محدثة بالفتح وهي كما سبق ما لم يعرف من كتاب ولا سنة ولا إجماع‏.‏ قال القاضي‏:‏ روي شر الأمور بالنصب عطف على اسم إن وهو الأشهر وبالرفع عطف على محل إن مع اسمه ‏(‏وكل بدعة ضلالة‏)‏ أي وكل فعلة أحدثت على خلاف الشرع ضلالة لأن الحق فيما جاء به الشارع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال ‏(‏وكل ضلالة في النار‏)‏ فكل بدعة فيها وقد سبق ذا موضحاً بما منه أن المراد بالمحدث الذي هو بدعة وضلالة ما لا أصل له في الشرع والحامل عليه مجرد شهوة أو إرادة بخلاف محدث له أصل فيه إما بحمل النظير على نظيره أو لغير ذلك وقوله وكل إلى آخره عام مخصوص ‏(‏أتتكم الساعة بغتة‏)‏ بنصبه على المفعولية وجوّز رفعه‏.‏ قال في الكشاف‏:‏ الساعة القيامة سميت به لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وبديهة كما تقول في ساعة لمن تستعجله، وجرت علماً لها كالنجم للثريا والكوكب للزهرة ‏(‏بعثت أنا والساعة هكذا‏)‏ وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى‏.‏ قال القاضي‏:‏ يحتمل أنه تمثيل لمقارنتها وأنه ليس إصبع أخرى كما لا شيء بينه وبين الساعة ويحتمل أنه تقريب لما بينهما في المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الأصبعين تقريباً لا تحديداً ‏(‏صبحتكم الساعة ومستكم‏)‏ أي توقعوا قيامها فكأنكم بها وقد فجأتكم على بغتة صباحاً أو مساء فبادروا إلى التوبة لتسقط عنكم المعاصي وازهدوا في الدنيا ليخف حسابكم وتذكروا الآخرة وأهوالها وما هو إلا من نفس إلى نفس فتصيرون إليها ‏{‏إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين‏}‏ ‏(‏أنا أولى بكل مؤمن من نفسه‏)‏ أي أحق‏.‏ كان إذا احتاج لنحو طعام وجب على صاحبه بذله له ‏{‏النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم‏}‏ ‏(‏من ترك مالاً فلأهله‏)‏ الذين يرثونه ‏(‏ومن ترك ديناً‏)‏ عليه لم يوفه في حياته ‏(‏أو ضياعاً‏)‏ بفتح الضاد أي عيالاً وأطفالاً ‏(‏فإلي وعليّ‏)‏ أي فأمر كفاية عياله إليّ وعليّ قضاء دينه فهو لف ونشر غير مرتب ‏(‏وأنا ولي المؤمنين‏)‏ جميعاً، كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لا يصلي على مدين مات ولم يخلف وفاء زجراً للناس عن الاستدانة وإهمال الوفاء فلما فتح اللّه تعالى على المسلمين قال‏:‏ من ترك ديناً فعليّ وفاؤه أي قضاؤه وهل كان يقضيه تكرماً أو وجوباً‏؟‏ وجهان الأصح الثاني ثم قيل إن ذا من خصائصه وقيل بل يقضى في كل زمن من المال وفيه أنه يسنّ أن يقال في الخطب أما بعد‏.‏

- ‏(‏حم م ن ه عن جابر‏)‏ قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول أما بعد إلى آخره‏.‏

1605- ‏(‏أما بعد‏)‏ أي حمد اللّه والثناء عليه قال عياض‏:‏ هي كلمة يستعملها الخطيب للفصل بين ما كان فيه من حمد وثناء والانتقال إلى ما يريد التكلم فيه ويعوض عنها لفظتين هذا ولما كان كذا وأول من قالها داود أو يعقوب أو يعرب بن قحطان أو كعب بن لؤي أو سحبان أو وائل أو قس بن ساعدة‏.‏ قال الحافظ ابن حجر في الفتح والأول أشبه ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة للأولية المحضة والبقية بالنسبة إلى العرف خاصة ثم يجمع بينهما بالنسبة إلى القبائل ‏(‏فو اللّه إني لأعطي‏)‏ بلام بعدها همزة مضمومة فعين ساكنة فطاء مكسورة بلفظ المتكلم لا بلفظ المجهول من الماضي ‏(‏الرجل وأدع‏)‏ بفتح الهمزة والدال أي اترك ‏(‏الرجل‏)‏ الآخر فلا أعطيه شيئاً ‏(‏والذي أدع‏)‏ إعطاءه ‏(‏أحب إليّ من الذي أعطى‏)‏ عائد الموصول محذوف ‏(‏ولكن‏)‏ وفي رواية للبخاري ولكني ‏(‏أعطي أقواماً لما‏)‏ بمسر اللام ‏(‏أرى‏)‏ ‏[‏ص 173‏]‏ من نظر القلب لا من نظر العين ‏(‏في قلوبهم من الجزع‏)‏ بالتحريك أي الضعف عن تحمل ما نزل بهم من الإملاق-أي الفقر- ‏(‏والهلع‏)‏ بالتحريك أيضاً شدة الجزع أو أفحشه أو هما بمعنى وهو شدة الحرص فالجمع للاطناب ‏(‏وأكل أقواماً‏)‏ بفتح الهمزة وكسر الكاف ‏(‏إلى ما جعل اللّه في قلوبهم من الغنى‏)‏ النفسي ‏(‏والخير‏)‏ الجبلي الداعي إلى التصبر والتعفف عن المسألة والشره ‏(‏منهم‏)‏ أي من الأقوام الذين لهم غنى النفس ‏(‏عمرو بن تغلب‏)‏ بفتح المثناة فوق وسكون المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة وهو النمري بالتحريك وفيه أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة وأما في الدنيا فتقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية وأن البشر جبلوا على حب العطاء وبغض المنع وأن المنع قد يكون خيراً للممنوع ‏{‏وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم‏}‏ واستئلاف من يخشى جزعه أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه والاعتذار إلى من ظنّ ظناً والأمر بخلافه‏.‏

- ‏(‏خ عن عمرو بن تغلب‏)‏ هذا قال أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بمال فقسمه فأعطى رجالاً وترك رجالاً فبلغه أن الذين تركوا عتبوا عليه فحمد اللّه وأثنى عليه ثم ذكره قال عمرو‏:‏ فو اللّه ما أحب أن لي بكلمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حمر النعم-أي ما أحب أن لي بدل كلمته النعم الحمر وهذه صفة تدل على قوة إيمانه ويكفيه هذه المنقبة الشريفة- انتهى‏.‏

1606 - ‏(‏أما بعد‏)‏ قال القاضي‏:‏ أما حرف يذكر لفصل الخطاب ويستدعي جواباً صدر بالفاء الجزائية لما فيها من معنى الشرط‏.‏ قال سيبويه‏:‏ إذا قلت أما زيد فمنطلق فكأنك قلت مهما يكن من شيء فزيد منطلق ‏(‏فما‏)‏ وفي رواية البخاري ما بدون فاء في الجواب‏.‏ قال الزركشي‏:‏ وهو عتد اللغويين نادر ‏(‏بال أقوام‏)‏ أي ما حالهم أي أهل بريرة‏.‏ أرادت عائشة شراءها منهم وتعتقها فشرطوا كون الولاء لهم ولم يشرط اللّه في كتابه ذلك فخطب فنبه على تقبيح فعلهم حيث ‏(‏يشترطون شروطاً‏)‏ جمع شرط وهو إلزام الشيء والتزامه ‏(‏ليست في كتاب اللّه‏)‏ أي في حكمه الذي كتب على عباده وشرعه لهم ‏(‏ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه‏)‏ أي ليس في حكمه الذي يتعبد به عباده من كتاب أو سنة أو إجماع فليس المراد الفرقان لأن كون الولاء للمعتق ليس منصوصاً في القرآن وقال ابن خزيمة‏:‏ أي ليس في حكمه جوازه أو وجوبه لا أن كل من شرط شرطاً لم ينطق به القرآن باطل لأنه قد يشترط في البيع ‏(‏فهو باطل وإن كان مئة شرط‏)‏ مبالغة وتأكيداً لأن العموم في قوله ما كان من شرط إلى آخره دل على بطلان جميع الشروط وإن زاد على المئة فالعدد خرج مخرج الكثير يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت ‏(‏قضاء اللّه‏)‏ المشروط أي حكمه ‏(‏أحق‏)‏ باتباع من غيره يعني هو الحق لا غيره ‏(‏وشرط اللّه أوثق‏)‏ أي هو القوي وما سواه باطل واه فافعل لا تفضيل فيه في الموضعين إذ لا مشاركة بين الحق والباطل ‏(‏وإنما الولاء لمن أعتق‏)‏ لا إلى غيره من مشترط أو غيره فهو منفي عنه شرعاً وفيه أنه لا ولاء لمن أسلم على يده رجل أو خالفه خلافاً للحنفية ولا لملتقط خلافاً لإسحاق‏.‏

- ‏(‏ق 4 عن عائشة‏)‏ وهي قصة بريرة المشهورة‏.‏

‏[‏ص 174‏]‏ 1607 - ‏(‏أما بعد‏)‏ أي بعد الحمد والثناء ‏(‏فما بال العامل‏)‏ أراد به عبد اللّه بن اللتيبة بضم اللام وسكون المثناة وكسر الموحدة وياء النسب استعمله على عمل فجاء حين فرغ فقال‏:‏ يا رسول اللّه هذا لكم وهذا أهديّ لي فخطب موبخاً له على تأويله الفاسد مبيناً له بطلان رأيه الكاسد فقال ‏(‏نستعمله‏)‏ أي نوليه عاملاً ‏(‏فيأتينا‏)‏ عند انتهاء عمله ‏(‏فيقول هذا من عملكم‏)‏ أهدي إلي لخاصة نفسي ‏(‏أفلا قعد‏)‏ في رواية للبخاري فهلا جلس ‏(‏في بيت أبيه وأمه فنظر‏)‏ بضم النون ولأبي ذر بفتحها ‏(‏هل يهدى له‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏أم لا فوا الذي نفس محمد بيده‏)‏ أي بقدرته وتدبيره ‏(‏لا يغل أحدكم‏)‏ بغين معجمة مضمومة من الغلول وهي الخيانة في الغنيمة ‏(‏منها‏)‏ أي الصدقة ‏(‏شيئاً إلا جاء به يوم القيامة‏)‏ حال كونه ‏(‏يحمله على عنقه‏)‏ ‏{‏ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة‏}‏ ‏(‏إن كان بعيراً جاء به‏)‏ يومها ‏(‏له رغاء‏)‏ بضم الراء والتخفيف ومد له صوت ‏(‏وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار‏)‏ بضم أوله المعجم صوت ‏(‏وإن كانت شاة جاء بها تيعر‏)‏ بمثناة فوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فمهملة صوت شديد ‏(‏فقد بلغت‏)‏ بشد اللام أي بلغت حكم اللّه الذي أرسلت به في هذا إليكم وبقية الحديث ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، وفيه أن الإمام يخطب في الأمر المهم واستعمال أما بعد في الخطبة ومحاسبة المؤتمن ومنع العامل من قبول الهدية ممن له عليه حكم وإبطال كل طريق يتوصل به من يأخذ المال إلى محاباة المأخوذ منه والانفراد بالمأخوذ مع وجود الفاضل وأن من وجد متأولاً خطأ يشهر خطأه ليحذر‏.‏

- ‏(‏حم ق د عن أبي حميد‏)‏ عبد الرحمن بن سعيد ‏(‏الساعدي‏)‏ بكسر العين المهملة وذكر البخاري أن هذه الخطبة كانت عشية بعد الصلاة‏.‏